و
يعد الهداوي المولود في التاسع من ديسمبر/كانون الأول 1961 أحد علامات المسرح والدراما التونسية، وتميز بشخصيته الفنية وبصمته المختلفة، وقدرته على تجسيد الأدوار المركبة، إذ وصفه النقاد بأنه متقمص بارع
في معظم أعماله، وشارك الراحل في أعمال في تونس وسوريا، كما وصل بموهبته إلى خارج الحدود بمشاركاته في أوروبا.
وقد بدأ مشواره في مسرح المعهد الثانوي تحت إشراف أستاذه في هذا الوقت حمادي المزي، وانضم إلى مسرح الهواة في البداية، قبل أن يلتحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية في تونس الذي تخرج منه لاحقا.
دخل الهداوي منذ نهاية الثمانينات وبداية التسعينيات عالم السينما والتلفزيون بمسيرة درامية حافلة بالأعمال التونسية والعربية والأجنبية، شارك من خلالها في فيلم “حلفاوين” للمخرج فريد بوغدير وفيلم “صفائح من
ذهب” للمخرج النوري بوزيد عام 1986.
وتعامل الهداوي خلال مسيرته مع مخرجين أجانب من فرنسا وإيطاليا، أشهرهم المخرج الفرنسي سارج مواتي والمخرج الإيطالي فرانكو روسي.
في الثمانينيات من القرن الماضي، شارك في أعمال “الكأس” و”صفايح ذهب” و”عرب”، وفي مرحلة التسعينيات قدم “غبار الألماس”، و”نظرة معينة” و”الحب الحرام” و”شارع الحبيب بورقيبة”.
في بداية الألفية، تألق الفنان فتحي الهداوي في عديد من الأعمال المميزة التي رسخت مكانته في المشهد الفني. من أبرز هذه الأعمال كان دوره البطولي في فيلم “المفتاح” بالتعاون مع المخرج الكبير الراحل
شوقي الماجري. خلال المرحلة ذاتها، قدّم سلسلة من الأعمال التلفزيونية الناجحة، منها “باب العرش”، “الخميس عشية”، “باب القلة”، و”فرططو الذهب”، التي أثرت الساحة الدرامية التونسية.
وعلى خشبة المسرح، قدّم الهداوي عروضا بارزة تركت بصمة قوية، مثل مسرحيتي “العوادة” و”عرب”. الأخير تحول لاحقا إلى فيلم سينمائي حمل الاسم نفسه، إذ لعب الهداوي دور البطولة، مجسدا شخصيته بتميز
لافت أثار إعجاب الجمهور والنقاد.
أما في مجال الدراما التلفزيونية، فقد سطع نجم الهداوي منذ تسعينيات القرن الماضي، خاصة خلال الأعمال الرمضانية التي أكسبته شهرة واسعة ومكانة مميزة بين جمهور التلفزيون. عمل مع المخرج الكبير صلاح
الدين الصيد في مسلسل “غادة”، ثم قدّم “ليام كيف الريح” مع المخرج نفسه. كما تولى بطولة مسلسل “العاصفة” تحت إدارة المخرج عبد القادر الجربي، وحقق نجاحا جماهيريا كبيرا بشخصيته المميزة “رئيف” في
مسلسل “صيد الريم” عام 2008. بالإضافة إلى ذلك، برز في مسلسل “ناعورة الهواء”، الذي عزز مكانته كأحد أبرز نجوم الشاشة الصغيرة.
في السنوات الأخيرة، استمر الهداوي في تقديم أعمال تلفزيونية ذات صدى واسع. كان من أبرز مشاركاته الأخيرة مسلسل “براءة” عام 2022، بينما شكّل مسلسل “الجبل الأحمر” عام 2023 آخر ظهور له على
الشاشة، ليختتم مسيرته الحافلة بالإبداع والعطاء الفني.
مناصب وجوائز
تميزت مسيرة الفنان فتحي الهداوي الحافلة بالعطاء والإبداع بتقلده عديدا من المناصب البارزة وحصوله على جوائز وتكريمات مرموقة. من بين أبرز محطاته، ترؤسه للمهرجان الدولي بالحمامات خلال الفترة الممتدة من
عام 2011 وحتى عام 2014، إذ ساهم بإثراء هذا الحدث الثقافي الكبير وإضفاء بصمته الخاصة عليه.
وفي مجال الجوائز، حصل الهداوي على جائزة أفضل ممثل من مهرجان وهران للفيلم العربي في الجزائر عام 2013، تكريما لدوره الاستثنائي وأدائه المميز. كما نال عدة جوائز من مهرجان أيام قرطاج السينمائية، كان
من أبرزها جائزة أفضل ممثل مساعد عام 2000 عن أدائه في فيلم “الحب الحرام” للمخرج نضال شطة، وجائزة أخرى عام 2014 عن دوره في فيلم “باب العرش” للمخرج مختار العجيمي، وهو العمل الذي أثار إعجاب
الجمهور والنقاد على حد سواء.
وعلى الصعيد المحلي، حقق الهداوي إشادة كبيرة إذ توّج بجائزة أفضل ممثل ونجم رمضان من إذاعة “موزاييك إف إم” لعامي 2013 و2014، تقديرا لإبداعه في الأدوار التلفزيونية التي قدمها خلال تلك الفترة. هذه
الجوائز والتكريمات تعكس مسيرته الفنية الثرية التي جمع فيها بين الموهبة الفريدة والالتزام العالي بالفن.
رحم الله الفقيد وأسكنه فراديس جنانه