
Technologists with the Israeli military's Matzpen operational data and applications unit work at their stations, at an IDF base in Ramat Gan, Israel June 11, 2023. REUTERS/Nir Elias
تداولت وسائل الإعلام العالمية، بما فيها صحيفة “واشنطن بوست”، تقارير تفيد بأن شركة غوغل، إحدى أكبر شركات التكنولوجيا في العالم، قامت بتزويد إسرائيل بأحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي خلال الفترة الأخيرة، تزامنًا مع التصعيد العسكري الجاري في غزة. هذا التطور أثار جدلاً واسعًا حول دور الشركات التكنولوجية الكبرى في النزاعات المسلحة ومدى التزامها بالمعايير الأخلاقية.
تقنيات الذكاء الاصطناعي والمجال العسكري
وفقًا للتقارير، تشمل التقنيات المقدمة أدوات تحليل بيانات متقدمة وأنظمة ذكاء اصطناعي تستخدم في تحسين عمليات المراقبة، تحليل الصور الجوية، وإدارة البيانات الضخمة. مثل هذه التقنيات تُعد عاملاً محوريًا في تعزيز القدرات العسكرية، حيث يمكن استخدامها لتحديد الأهداف، تحسين دقة العمليات العسكرية، ورصد التحركات على الأرض.
في ظل الحرب الدائرة في غزة، يُخشى أن يؤدي استخدام هذه الأدوات إلى تصعيد الأوضاع، خاصة وأن التقنيات الذكية قد تُستخدم لتعزيز العمليات العسكرية التي تؤثر على المدنيين بشكل مباشر.
أثار الخبر موجة من الانتقادات على المستويين الحقوقي والشعبي. حيث نددت منظمات حقوق الإنسان بالتعاون بين غوغل وإسرائيل في هذه المرحلة الحساسة، مشيرة إلى أن تقديم مثل هذه التقنيات يعزز دور التكنولوجيا في الصراعات ويزيد من معاناة السكان المدنيين.
من جهة أخرى، دافعت مصادر مؤيدة لغوغل عن موقف الشركة، معتبرة أن التقنية تُستخدم لأغراض “دفاعية”، دون التطرق إلى تفاصيل محددة عن كيفية الاستفادة منها على أرض الواقع.
هذه الحادثة تعيد إلى الواجهة النقاش حول مسؤولية الشركات التكنولوجية الكبرى في النزاعات المسلحة. فقد واجهت شركات مثل غوغل ومايكروسوفت سابقًا ضغوطًا من موظفيها ومنظمات المجتمع المدني للابتعاد عن التعاون مع الحكومات في مجالات تُعتبر مثيرة للجدل أخلاقيًا، خصوصًا تلك المتعلقة بالأنظمة العسكرية.
في عام 2018، انسحبت غوغل من مشروع “مافن” التابع للبنتاغون، والذي كان يهدف إلى استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل الصور الجوية العسكرية، وذلك بعد احتجاجات واسعة من موظفيها. لكن يبدو أن التعاون مع الحكومات في مجالات مشابهة لا يزال قائمًا وإن بشكل أقل شفافية.
يثير هذا التعاون تساؤلات حول مدى التزام الشركات العملاقة بالمبادئ الأخلاقية، ومدى تأثير الضغوط السياسية والمالية على قراراتها. كما يُطرح سؤال مهم: هل يمكن فرض قيود قانونية على تصدير تقنيات الذكاء الاصطناعي لدول تخوض نزاعات؟
دعت منظمات حقوق الإنسان والحركات المناهضة للحروب إلى إجراء تحقيق مستقل وشفاف حول طبيعة التعاون بين غوغل وإسرائيل، وتوضيح مدى تأثير هذه التقنيات على العمليات العسكرية في غزة. كما طالبت الشركات التكنولوجية بتبني سياسات أكثر صرامة لضمان عدم استخدام تقنياتها في انتهاكات حقوق الإنسان.
تُعد هذه القضية مثالًا جديدًا على التحديات التي يواجهها العالم في ظل التطور السريع للتكنولوجيا واستخدامها في سياقات سياسية وعسكرية. ومع استمرار النزاع في غزة، تزداد الحاجة إلى مساءلة الشركات التكنولوجية الكبرى عن دورها في مثل هذه النزاعات والتأكيد على ضرورة وضع حدود واضحة لاستخدام التقنيات الذكية بما يخدم الإنسانية لا أن يزيد من معاناتها.