
تحت شعار “من أجل الوحدة والتسامح”، خرج مئات الفرنسيين في مظاهرات حاشدة في عدة مدن فرنسية للتنديد بتنامي ظاهرة كراهية المسلمين في البلاد. تأتي هذه الاحتجاجات وسط تقارير متزايدة عن تصاعد أعمال العنف والتمييز ضد المسلمين، سواء في الشوارع أو في المؤسسات العامة، وهو ما يعكس قلقًا متزايدًا بشأن مستقبل التعايش بين الأديان في فرنسا.
الحادثة الأخيرة التي هزت المجتمع الفرنسي وأثارت الغضب العام كانت مقتل مسلم في مسجد إثر تعرضه للطعن بسكين . الهجوم الذي وصفه الكثيرون بالعنصري والوحشي، زاد من حجم المخاوف بشأن تنامي كراهية المسلمين في البلاد. هذه الجريمة البشعة كانت بمثابة جرس إنذار لضرورة معالجة ظاهرة العنف الديني والتمييز ضد المسلمين، التي أصبحت تثير القلق على مستوى واسع.
المظاهرات التي جرت في باريس وليون ومرسيليا وغيرها من المدن شهدت مشاركة واسعة من مختلف الفئات العمرية والعرقية، حيث عبر المشاركون عن رفضهم للخطاب العنصري والتمييز الديني الذي يطال المسلمين في فرنسا. ورفع المحتجون لافتات تطالب الحكومة الفرنسية باتخاذ إجراءات حاسمة لمكافحة خطاب الكراهية وتعزيز قيم التسامح والمساواة.
وفي تصريحات للمتظاهرين، أكد العديد منهم أن كراهية المسلمين أصبحت ظاهرة متزايدة في المجتمع الفرنسي، وهو ما يهدد التعايش السلمي في البلاد. وقال أحد المشاركين في المظاهرة: “نحن هنا اليوم لنرفع صوتنا ضد هذا التمييز الذي يستهدف المسلمين. يجب أن نعيش معًا بسلام، بغض النظر عن الدين أو الأصل. كراهية المسلمين ليست مجرد قضية للمسلمين فقط، بل هي قضية الجميع”.
وأضاف آخر: “نطالب بتشديد القوانين ضد خطاب الكراهية على الإنترنت وفي وسائل الإعلام، وألا يتم التغاضي عن هذه الظاهرة التي تؤدي إلى العنف والفرقة بين الناس”.
من جانبها، أكدت العديد من المنظمات الحقوقية والإنسانية أن ظاهرة كراهية المسلمين في فرنسا تتزايد بشكل ملحوظ، مشيرة إلى أن هناك حاجة ماسة إلى تعزيز القوانين التي تحظر العنصرية والتمييز على أساس الدين. وأكدت هذه المنظمات أن هناك ضرورة لتطبيق سياسات فعالة في المدارس والمجتمعات المحلية للتصدي لهذه الظاهرة.
في المقابل، كانت هناك دعوات من بعض الشخصيات السياسية والحقوقية لإعادة النظر في سياسات الدولة بشأن الحريات الدينية والتعايش بين الأديان. وقد صرح أحد النواب في البرلمان الفرنسي قائلاً: “يجب على الحكومة أن تتحمل مسؤولياتها في مكافحة أي شكل من أشكال التمييز ضد المسلمين أو أي مجموعة دينية أخرى، وأن تضمن حماية حقوق جميع المواطنين بغض النظر عن ديانتهم”.
تأتي هذه المظاهرات في وقت حساس، حيث يواجه المجتمع الفرنسي تحديات كبيرة تتعلق بالتعايش بين الأديان والمجتمعات المختلفة في ظل الأزمات الاجتماعية والاقتصادية. وقد أظهرت هذه التظاهرات أن قضية كراهية المسلمين ليست مجرد قضية دينية، بل هي قضية اجتماعية وسياسية تؤثر على الاستقرار الاجتماعي في البلاد.